ضع اعلان هنا

اخر الأخبار

التصوير الفوتوغرافي / تشياروسكورو - التقسيم والتجريد

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

التصوير الفوتوغرافي / تشياروسكورو - التقسيم والتجريد


التصوير الفوتوغرافي / تشياروسكورو - التقسيم والتجريد   

Chiaroscuro - Dividing & Abstracting

 

تشياروسكورو / التقسيم والتجريد

Chiaroscuro / Dividing & Abstracting

لقد تحدثنا في السابق عن تقنية تشياروسكورو، وتشياروسكورو Chiaroscuro هو مصطلح فني يشير إلى التدرج بين الضوء والظلام. وهي تقنية تعتمد على الاستخدام الأمثل للضوء والظلال، وكانت تستخدم من القدم في الفنون منذ بداية عصر النهضة. وانتقل هذا المصطلح الفني من الرسم إلى التصوير الفوتوغرافي. وأصبح اليوم يعني شيئًا مختلفًا إلى حد ما عن معناه الأصلي.


تعتمد تقنية تشياروسكورو في الأساس على استخدام التباين بين الضوء والظل لخلق إحساس بالحجم لكي يبدو الشكل ثلاثي الأبعاد أو مجسم حيث النور والظل أداة إظهار مهمة في جعل العناصر تظهر ذات حجم ومجسمة. فهي تستخدم في حالة المبالغة في عمل تأثيرات باستخدام الضوء والظل.


استطاع المصورين عبر الزمن الاستفادة من استخدام تقنية تشياروسكورو بحرفية، فاستطاعوا عمل الكثير من التأثيرات بالأعمال الفنية من خلالها، حيث أصبحت لا تجعل الصورة أكثر جمالا فقط بدرجات الضوء والظل، بل إن الضوء والظل يصبحان العناصر الأكثر تأثيرا وإلهاما في الصورة، يمكننا العمل بتقنية تشياروسكورو في أي نوع من أنواع التصوير.


فإذا لاحظنا في أي مكان أن الضوء قوي وله التأثير الأكثر أهمية على التكوين فيمكننا استخدام تقنية تشياروسكورو على الفور لأنها ستصنع التأثير السحري الذي نبحث عنه جميعا الذي يلفت انتباه المشاهد ويثير اهتمامه. لكي تكون تقنية تشياروسكورو مهمة ومؤثرة يجب استخدام عنصر الإضاءة بطريقة قوية وواضحة.


بمعني أن الإضاءة يجب أن تكون قوية وشديدة عن الإضاءة العادية المستخدمة في التصوير، وكذلك في حالة عمل تأثيرات الظلال. يعود السبب في ذلك إلى أن زيادة النور والظل سوف تعمل على إظهار العناصر ذات حجم وتبدو بالنسبة للمشاهد مريحة نفسيا. إن تقنية تشياروسكورو تثير التباين حيث الفروق بين النور والظل يكون واضح.


وبناء على ذلك يعد من الجيد استخدام الأضواء الكاشفة في موقع التصوير، حيث يكون لها التأثير الأكبر في إظهار التباين الشديد. يستطيع الفنان عمل العديد من الأشياء باستخدام تقنية تشياروسكورو، ومنها إنشاء الصور التجريدية (وهي إنشاء تكوين غير تقليدي ومبهم من أشياء طبيعية ومنطقية، ويعتمد على إزالة التفاصيل غير الضرورية لإيضاح معنى ورسالة معنية)، وكذلك تقسيم عناصر التكوين داخل الإطار، حيث تتدرج إضاءة المشهد من الضوء الساطع حتى الظلال العميقة فتجعل العديد من الأجزاء والمناطق تظهر مميزة.


مع استخدام تقنية تشياروسكورو بحرفية قد تبدو عناصر التكوين مثل كتل يتدرج عليها النور والظل ومن ثم يظهر الإحساس والمعني الدرامي، ومع ذلك في بعض الأحوال قد لا تتوافق تقنية تشياروسكورو مع طبيعة الموضوع. وبالتالي يجب أن يعمل المصور جاهدا حتى لا تعمل الإضاءة عكس موضوع التصوير، فربما يمكنه تغيير زاوية الإضاءة أو بعض إعدادات الكاميرا، وما إلى ذلك، حتى يشعر بالتوافق بين طريقة الإضاءة وطبيعة الموضوع.


قد ينتج من استخدام تقنية تشياروسكورو أن تبدو الصورة الفوتوغرافية غير واضحة للوهلة الأولي، فقد يستغرق المشاهد بعض الوقت للتعرف على موضوع الصورة بسبب أن معظم المشهد يكون في الظل باستثناء أجزاء معينة تكون مضيئة. ولكن إن وجود شعور بعدم اليقين لدى المشاهد قد لا يكون بالضرورة سيء، حيث أن وجود نوع من الغموض في اللقطة قد يجعلها أكثر إثارة.


في حالة العمل بتقنية تشياروسكورو، قد يحتاج المصور لعمل معالجة لاحقة بعد التصوير، وقد تتم المعالجة باستخدام اعدادات الكاميرا نفسها أو باستخدام أحد برامج تحرير الصور مثل فوتوشوب وغيره. هناك ثلاث سمات رئيسية للتصوير التجريدي وتقسيم الصور باستخدام تقنية تشياروسكورو وهم، التباين الشديد بين النور والظل، إن الضوء يكون هو المؤثر الأقوى في اللقطة والموضوع الأساسي، يمكننا عمل العديد من الأشياء باستخدام تقنية تشياروسكورو مثل إنشاء الصور التجريدية.


مثال (1)

صفات النور والظل بتقنية تشياروسكورو

فيما يلي رسم ثلاثي الأبعاد عن شخص في غرفة لها نافذة إضاءة واحدة، حاول الفنان عمل تصميم تجريدي للصورة باستخدام تأثيرات النور والظل في تقنية تشياروسكورو. لعمل التأثير التجريدي المطلوب، قام المصور بتقسيم التكوين داخل إطار الصورة، وإنشاء تدرجات من النور والظل مميزة لكتل العناصر والتي تبدأ من الضوء الساطع حتى الظلال العميقة.


حاول المصور الحصول على توافق بين طبيعة الموضوع وطريقة الإضاءة بحيث لا تؤدى الإضاءة إلى إظهار معاني أخرى غير المقصودة بموضوع التصوير، فقام بتغيير زاوية الكاميرا، حتى يكون هدف التصوير هو إظهار الشخص بالغرفة وليس إظهار إضاءة النافذة، ولكن مع ذلك فإن هذا الأسلوب أدى إلى جعل الصورة تبدو أكثر غموضاً.


فللوهلة الأولي قد يستغرق المشاهد بعض الوقت للتعرف على موضوع الصورة. وربما قد يشعر المشاهد بعدم اليقين بشأن الصورة. حيث أن الإضاءة الشديدة لبعض الأجزاء في مقابل أن بقية المشهد في الظل قد تؤخر عملية فهم اللقطة. ولكن المصور لم يرى أن ذلك عيبا في العمل، لأن هذه اللقطة سوف يتم توظيفها في فيلم.


وبناء على ذلك اتخذ المصور قرار بأنه يريد إنشاء تأثير عالي التباين مع وضع الكثير الظلال التي تحجب بقية المشهد. فقام المصور بعمل بعض الإجراءات بناء على ذلك، فقام باستخدام إضاءة ساطعة وواضحة لبعض الأجزاء وخاصة العلوية، مع ملاحظة أنه لا توجد أي تفاصيل في مناطق الظلال، وأدت هذه الإجراءات إلى إنشاء التأثير التجريدي المطلوب.


كان أمام المصور بعض الخيارات في معالجة الصورة، فإذا اختار التصوير الرقمي فإن ذلك سيؤدى إلى إظهار المزيد من التفاصيل المرئية في النقاط البارزة وسوف يستمر ذلك حتى تتحول الظلال القوية إلى ظلال فاتحة. ولكن إذا تم العمل بهذا الخيار فإن ذلك سوف يقضي على جمال الغموض في اللقطة لأنه سوف يجعل الصورة تُفهم على الفور بسبب ضعف التباين بين النور والظل.


ولذلك لم يختار المصور هذا الأسلوب في المعالجة حيث أنه يُضعف من التأثير المرغوب والهدف من موضوع التصوير، حيث أن الصورة تدور حول ما يحدث في الغرفة، ولذلك يجب أن يكون محور الاهتمام هو إظهار تأثيرات النور والظل بدل من إظهار تفاصيل العناصر والأشياء بالتكوين.


الإضاءة باستخدام نافذة واحدة عالية

رسم ثلاثي الأبعاد، يوضح تأثير استخدام نافذة عالية في الغرفة. حيث أن استخدام نافذة عالية يؤدى إلى إظهار التباين بقوة، والتي تجعل تأثير الضوء يظهر بشكل غير مباشر ولكنه يضيء المكان بشكل مشرق. وفي نفس الوقت تتناقض هذه الإضاءة بشدة مع الجزء الداخلي من الغرفة المظلمة. تم بناء المنزل في الأساس من الخشب بحيث يسقط الضوء على الأجزاء العلوية فقط. 

التصوير الفوتوغرافي / تشياروسكورو - التقسيم والتجريد


إنشاء صورة تجريدية باستخدام النور والظل بتقنية تشياروسكورو

رسم ثلاثي الأبعاد، يوضح لنا التأثير التجريدي لدرجات النور والظل على المشهد. فللوهلة الأولى، يعمل الضوء والظل على تقسيم إطار الصورة بشكل كبير فتبدو تقريبًا مثل كتل موزعة بين الضوء والظلام، حيث يتم استخدام هذه الكتل لترمز إلى التجريدية بالمشهد. ولأن مصدر الضوء والمناطق المضيئة تعمل على إظهار أجزاء معينة فقط فإن ذلك يؤدى إلى تقوية المعني التجريدي والرمزي والرسالة بالصورة. 

 

أرجو أن تنال التدوينة إعجابكم وإلى لقاء قريب بإذن الله

 

المراجع والمصادر

كتاب "التقاط الضوء - قلب التصوير".

CAPTURING LIGHT - The Heart of Photography

 

لمزيد من التواصل تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

حساب "مدونة ألوان" على فيسبوك.

حساب "مدونة ألوان" على انستجرام.

حساب "مدونة ألوان" على تويتر.

ليست هناك تعليقات